![]() |
عذاب الروح |
عذاب الروح
كلنا نسعي في الحياة من أجل السعادة والهناء ، ولكن هل تدوم السعادة ؟
والإجابة البديهة : لا
هيهات وألف هيهات لهذا فلا تحقق
السعادة بغير عناء، بغير عذاب . وآه أي عذاب كعذاب الروح
الروح سر الحياة ،ومفتاح الدنيا ،
الروح هي الألم والأمل ، السعادة والشقاء ، الروح هي الدفء والحنان ، الروح هي
الحب في ليل ساكن ، هي الخلود والفناء ،
آه كم عجبت منك أيها الروح!
إن أحبت ، صار الطهر لها عنوانا وكأن
بها براءة طفل في المهد ، وإن حزنت ضاقت الدنيا أن تحوي دمعا ترقرق فيها ،
وإن فارقت ، كانت ليل قاتم ظلام وضباب
وغبار .
وكل ألم إلي زوال إلا "أوجاع الروح "
غزوت ميادين العلم طبا وأدبا
وفلسفة لأبحث عن دواء يشفي "أوجاع الروح "وأكون بذلك قد حققت لذاتي نصرا
.
والتقيت أول ما التقيت عاشق يبكي
وسألته ما سر بكاؤك فما قال إلا أن فراقه وجع لا دواء له فأوجاع الروح لا
دواء لها . وتركت ميدان العاشقين فكفي روحي منهم ألما ،
والتقيت طبيبا ، لعلي أجد عنده
الشفاء، ولكن يبدوا أنه الآخر يبكي .
لم البكاء يا طبيب؟ ألست أنت من تطبب
الألم ؟
ألا تطبب ألمك ؟ فما أجابني إلا
"بأوجاع الروح "
فعجبت لأمره ودفعني فضولي كي أسأل ماذا تعني؟
فأجابني : شقيت عمرا أجتهد
وأشقي وبنيت قصورا لخيالي عن تقديري بعد شقاء ، فما وجدت إلا إهمالا
ممن حولي ، ولكني جندي ولا يترك جنديا معركته أبدا ، وتنهد وجعا اعتصر بصدري وهو
يشكو أيضا "أوجاع الروح".
فتركته ورحلت وعزمت علي أن أذهب لمكان
العلم فما العلم يؤخذ إلا من مصدره
فلمعلمي عدت كي أتعلم وكي أسأل ،
كيف ؟ ومتي ؟وأين ؟ وما ؟ ولماذا ؟
أليس هو علمني أسأل ؟
فلعلي أتعلم منه أجيب علي نفسي ؟
فذهبت لمحراب العلم ، والقدس الطاهر
،والمنبر
فوصلت إليه وكنت أتعجل لقياه ، فكنت
قد نسيته من سنين طوال ،شغلتني عنه الدنيا ، ولكنه حتما سيجيبني ، فلقد اعتدت منه
أن أسأل فيجيب ، وما بخل بعلمه يوما ،بل كنا ننهل من علمه فيفيض علينا بالأكثر .
ووصلت ولكن يبدو أني كنت تأخرت فلقد
وجدت معلمي يحتضر وتتلاحق أنفاسه وازدادت أوجاع الروح وعلا صراخي . أتحتضر ومن
ينقذني
وصراخ يتبعه صراخ وأنا أشعر روحي تنزف
،
وعجبت لحاله أهكذا بك السن تقدم ،
ولكن ما زاد الروح وجعا أنه ابتسم
ونهض ، يريد استقبالي فلكم أحسست الألم في روحه ،ولكن الأمل لايزال في وجهه وكأن
له روح تناست وجعها ولي ينظر وكأنه لن يرضي أن يهزم أبدا حتي وإن كنت لحاله أحزن
منه.