ملخص قصة واإسلاماه
![]() |
ملخص قصة واإسلاماه |
الفصل التاسع
قطز يؤدى واجب الجهاد مع الجيش المصرى
نفذ أنصار الشيخ العز أوامره فى قتل الفرنج الذين يدخلون دمشق لشراء الأسلحة،
حتى ضاق صدر الملك (الصالح إسماعيل) فبعث يهدد الشيخ بالقتل إذا لم يكف أنصاره عن هذه
الاغتيالات، ولما خشى السلطان من عاقبة قتله رأى أن يطرده من دمشق مع بعض مناصريه ومصادرة
أملاكهم.
كان يوم خروج الشيخ ابن عبد السلام من دمشق إلى مصر يوماً مشهوداً، وعندما
ذهب إلى مصر أكرمه الملك الصالح أيوب وأسند إليه الخطابة فى جامع عمرو وقلده قضاء مصر،
وأخذ الشيخ يستعجل الملك الصالح أيوب لمهاجمة الصليبيين وعميلهم الصالح إسماعيل.
وقد حزن ابن الزعيم لرحيل شيخه ابن عبد السلام، وقد خفف عنه هذا الحزن
:
(أ) ما لقيه الشيخ من تكريم ومكانة عند الملك الصالح أيوب.
(ب) ارتباطه بدمشق واشتباك مصالحه فيها.
(جـ) ما يمكن أن يقوم به نيابة عن الشيخ فى تنفيذ المبادئ التى رسماها
معاً.
ولم يكن قطز بأقل حزنا من سيده (ابن الزعيم) على فراق الشيخ فقد أفاد
منه الكثير :
(أ) الدعوتين اللتين دعا له بهما (الانتصار على التتار، ولقاء حبيبته
جلنار).
(ب) العلم الواسع والحكمة والبصيرة بالدين.
(جـ) شدة الثقة بنفسه. والتفاؤل بالمستقبل الذى يتحقق فيه شرف الملك،
وسعادة الحب .
(د) النعمة لا تدوم إلا بالشكر الذى أساسه التقوى، وملاك التقوى الجهاد
فى سبيل الله.
قطز يستأذن سيده ابن الزعيم فى الرحيل إلى مصر ليقاتل مع جيش مصر ضد الملك
الصالح إسماعيل وأعوان الصليبيين، فيوافق ويرسم له خطة بارعة سرية يكون لها أثرها فى
تحقيق النصر، تقوم هذه الخطة على أن يتسلل داخل جيش الصالح إسماعيل وفى أثناء المعركة
يصيح بأن جيشه يقاتل المسلمين وجيس الصالح أيوب يقاتل الكفار، ثم ينحاز إلى جيش الصالح
أيوب، وسينحاز معظم الناس معه، ونفذ الخطة بكل دقة وسرية، ونجحت نجاحاً كبيراً، وكان
النصر المبين على جيش الصالح إسماعيل.
اختفى قطز بعد هذا النصر مما جعل الظنون تختلف فى تفسير هذا الاختفاء،
هل كان روحا من أرواح المجاهدين؟ أو روح صلاح الدين؟ والحقيقة أنه اختفى ليذهب إلى
الكرك ليبشر الملك الناصر داود بالنصر العظيم.
قطز يعود إلى دمشق ليستأذن سيده ابن الزعيم فى الرحيل إلى مصر، فقد اشتاق
إليها ليكون جنديا من جنود الملك الصالح أيوب لعله يستطيع أن يقوم بعمل يرضى الله والإسلام
تحت إرشاد شيخه (ابن عبد السلام).
وافق ( ابن الزعيم) على رغبة قطز حتى يحقق الله أمله العظيم فى هزيمة
التتار ، وأمنيته الغالية فى لقاء حبيبته وودعه وداعاً حاراً وسيّر الحاج على الفراش
ليبيعه للملك الصالح، ويقدم ثمنه للشيخ ابن عبد السلام.
الفصل العاشر
لقاء قطز بجلنار، والتقاؤه بالصليبيين
اشترى الملك الصالح أيوب (قطزاً) ثم وهبه لأحد أمراء مماليكه (عز الدين
أيبك) الذى أحبه، ووثق به لصدقه وأمانته وشجاعته، وحاول (عز الدين) أن يقوى بقطز على
منافسيه فى السلطة ..
بدأ قطز يبحث عن جلنار بعد وصوله مصر، فأخذ يتصفح وجوه الناس، ويسأل عنها
النخاس الذى باعهما فى سوق الرقيق، فلا يخبره إلا عن (بيبرس) الذى أصبح من أتباع (أقطاى)
فيذهب إليه قطز، فلا يجده يعرف شيئا عن أخبار ( جلنار ) ، وتنشأ بينهما صداقة قوية
على الرغم من اختلافهما فى الرتبة والمزاج والأخلاق.
وثق (عز الدين) بقطز ثقة مطلقة فجعله رسوله الخاص إلى (الملك الصالح أيوب)
فى قلعة الجبل، وبينما كان قطز عائدا من هذه القلعة، وتحت مقصورة (شجرة الدر) زوجة
الملك الصالح سقطت أمامه وَرْدَاتٌ فى كل يوم وَرْدَة وهو لا يجرؤ أن يرفع عينيه ليرى
مصدرها أو راميها، أو حتى التقاطها ، خوفاً من مراقبة الحرس له لاختباره فى مدى أمانته،
وخاصة وهو يعرف شدة غَيْرة الملك الصالح على نسائه وجواريه، وقد تشجع قطز يوماً والتقط
الوردة الثالثة وأخذ يتأملها، وطافت به ذكريات حالمة حول (جلنار)، ولعلها صاحبة هذه
الوردة.. وأخيراً وقع بصره على من رمى الوردة الرابعة فرآها وكانت حبيبة قلبه (جلنار)
فابتسمت له ثم اختفت.. ثم كان اللقاء واكتشفت وصيفات القصر سر الحبيبين فوشين إلى شجرة
الدر، وتأكدت مِنْ صدق الخبر.. فعاتبت جاريتها، وتوعدتها إذا هى عادت بإخبار السلطان،
وطلبت من (عز الدين) أن يتخذ رسولا آخر غير قطز وهكذا حيل بين الحبيبين.
توالت الأحداث عاصفة بعد ذلك فقد أرسل الملك الصالح حملاته لفتح الشام
والقضاء على (الصالح إسماعيل) فاستولى على غزة، والقدس ثم دمشق، ولكن صحته ساءت فنقل
إلى (دمشق) للاستشفاء بهوائها ومعه زوجته شجرة الدر وجواريها وفيهن (جلنار).
انتهز الصليبيون فرصة مرض الملك الصالح أيوب، فأعدوا جيشاً لغزو مصر بقيادة
لويس التاسع مما جعل الشيخ ابن عبد السلام أن يخرج من عزلته ويكتب إلى السلطان بسرعة
الرجوع إلى مصر ناسياً الخصومة التى كانت بينهما، ويعود السلطان محمولاً على محفة إلى
مصر ليصد هجوم الصليبيين، ولكن الموت يفاجئه أثناء المعركة، وتخفى (شجرة الدر) خبر
موته حتى لا تضطرب صفوف المسلمين، ثم تقوم بتدبير الأمور حتى يأتى (توران شاه) ، واستمرت
مقاومة المصريين مدة شهرين، وظهرت بطولاتهم الرائعة، حتى تسرب خبر وفاة السلطان للأعداء،
فقويت نفوسهم، وتمكن قائدهم (الِكنْد دَاْرتُوا) من مفاجأة المسلمين فى المنصورة، وقتلوا
قائدهم (الأمير فخر الدين )، حتى وصلوا إلى السدة الخارجية لقصر السلطان..
حدثت مبارزة رهيبة بين قطز و (الِكنْد دَاْرتُوا) أظهر فيها قطز شجاعة
نادرة حتى أرداه صريعاً بعد أن كاد يقتل بيبرس، وامتلأ فناء القصر بجثث الأعداء وقد
أعجبت شجرة الدر ونساء القصر ببطولة قطز وكن يشهدن هذه المبارزة ومعهن (جلنار) التى
لحظتها الملكة وهى لا تحول عينيها عن المملوك الشاب فاستغربت ذلك وودت أن تسألها لو
لم يشغلها اهتمامها بمصير المملكة عن مثل هذا السؤال.
فى ذلك الوقت وصل ملك فرنسا (لويس التاسع) بعد قتل أخيه (الِكنْد دَاْرتُوا)
وصمم على الانتقام، ولكن المسلمين غلبت عليهم حمية الإسلام، وجمعوا صفوفهم، حتى مزقوا
صفوف الأعداء، وقدم (توران شاه) السلطان الجديد، ففرح به المسلمون، وقويت شوكتهم، واستولوا
على سفن كثيرة للعدو وحاصروهم حتى ضاقت نفوسهم فأحرقوا مراكبهم، وضربوا بيوتهم بأيديهم
وأيدى المؤمنين، وولى أسطولهم فراراً معهم، وأُسر عدد كبير منهم على رأسهم ملكهم (لويس
التاسع).
الفصل الحادي عشر
صراع على السلطة وعلى شجرة الدر
تنكر الملك (توران شاه) للأَبطال الذين حققوا النصر على الصليبيين، وكذلك
تنكر لزوجة أبيه، (شجرة الدر) التى حفظت له الملك، فبدأ يبعد رجال الدولة عن الحكم،
وينهمك فى الشراب واللهو، ويتوعد زوجة أَبيه بالقتل، مما أغضب مماليك أبيه فقتلوه،
وتولت شجرة الدر الحكم.
تم الإفراج عن (لويس التاسع) من سجنه على أن يدفع (أربعمائة ألف دينار)
فدية وتسليم دمياط للمسلمين، وقوى بذلك نفوذ (شجرة الدر) وعز الدين أيبك الذى اختارته
قائداً للجيش.
طمع أمراء البيت الأيوبى فى البلاد التابعة لسلطان مصر، وعلى رأسهم (الملك
الناصر)، وخاصة بعد قتل (توران شاه) وإنكار الخليفة العباسى أن يتولى الملك امرأة
(شجرة الدر) التى أسرعت بالتنازل عن الحكم (لعز الدين أيبك) ولقب (بالمعز).
لم يستتب الأمر طويلا للمعز فقد تمرد عليه (أَقطاى) وبعض أمراء المماليك
وسعوا إلى تولية أمير صغير من أمراء البيت الأيوبى وهو الملك (الأشرف) ليكون شريكا
للمعز فى الملك.
حدث تنافس كبير بين (المعز أيبك وأقطاى) على حب (شجرة الدر) ، وأخذت هى
تثير بينهما الصراع، وتطلب منهما الانتظار حتى يتحقق النصر على الملك الناصر، فيتحمسان
حتى يقضى على الملك الناصر وأعوانه، ويطلب بيبرس رسول (أقطاى) و (قطز) رسول (أيبك)
من شجرة الدر تنفيذ وعدها، إلا أنها أخذت تشعل نار الصراع بينهما من جديد وتوازن بين
الفارسين، وانتظرت لتتأكد أيهما الأقوى.. فحرضت (أيبك) أن يستقل بالملك ويعزل السلطان
الصغير (الملك الأشرف) (لأنها لا تقبل نصف ملك) ، وحقق لها ( أيبك) ما أردات وانفرد
بالملك بعد أن سجن السلطان الصغير.
أثار هذا العمل (أقطاى) وبدأ ينشر الفوضى فى البلاد ليظهر المعز بالعجز
عن السيطرة على الحكم، وحاول المعز أن يسترضيه بإغداق الأموال عليه وإعطائه الإسكندرية
إقطاعية له، ولكن هذا زاده طمعاً وإفساداً !! وعند ذلك أعلنت شجرة الدر زواجها من المعز
فانهار أمل أقطاى، وأظهر تمرده على المعز وشجرة الدر وقرر أن يعاقب كلا منهما : المعز
بسلب السلطة منه ووضع مقاليدها فى يد أتباعه. وشجرة الدر بإعلان أنه سيتزوج من بنات
الملوك فى (حماة) ولابد أن تنزل لها شجرة الدر عن قصرها فى قلعة الجبل.
تظاهرت شجرة الدر، بالموافقة ، لتضمر تدبيراً للتخلص من أقطاى، فكانت
تظل نهارها فى القلعة وتتركها ليلاً مما جعل أقطاى يعتقد أن الأمر سيتم له.
دعت شجرة الدر ( قطز ) ووعدته بأن تزوجه (جلنار) إذا قضى على أقطاى، وخلص
البلاد من شروره ومفاسده، ووضعت الخطة معه ومع المعز على استدعائه إلى القصر بعد خروج
مماليكه إلى الصيد، ثم مبارزته والتخلص منه.. ونفذ قطز الخطة بإحكام ويتم فصولها (المعز)
برمى رأس أقطاى إلى أتباعه الذين كانوا قد تجمعوا أمام القلعة، فيتفرقون خائفين.
وتشفى شجرة الدر بذلك غليلها، ويمتلىء قلب " بيبرس" حقدا على
صديقه (قطز) ويقول : لقد فعلها صديقى .. والله ليكونن من قتلاى"!!
الفصل الثاني عشر
زواج قطز وجلنار، ونهاية المعز وشجرة الدر
أصبح قطز نائب السلطان وتزوج جلنار مكافأة له على جهوده فى تخليص البلاد
من شرور
( أقطاى) وجماعته.
بدأ الملك المعز يستأثر بالسلطة، ويضيق بتسلط (شجرة الدر) فدب الصراع
بينهما : تتمسك هى بسيطرتها، وتطلب منه أن يطلق زوجته الأولى ويفكر فى مستقبل ابنه
ليكون خليفة له على عرش مصر.
اشتد الصراع بين الزوجين، وأخذ كل منهما يفكر فى الخلاص من الآخر بطريقة
واحدة هى القتل!!
بدأت شجرة الدر تعرض على الملك الناصر أن يتزوجها ويكون ملكا على مصر
بعد قتل المعز!! فخاف من أن يكون ذلك خديعة، فلم يرد عليها..
وأرسل الملك المعز ليخطب بنت الملك المظفر صاحب دمشق وعندما رفض خطب بنت
صاحب الموصل فوافقه، وتضاعفت الوحشة بين الزوجين.. وقطز فى حيرة بينهما يحاول الإصلاح
فلا يستطيع ..
علمت شجرة الدر أن المعز عازم على إنزالها من القلعة فقررت أن تتظاهر
بالخضوع له، والتنازل عن مطالبها فى تطليق زوجته الأولى، وأنها ندمت على كل ذلك، فرق
قلبه لها واطمأن، وهو لا يعرف أنها تدبر لقتله. وحاول قطز أن يحذره من غدرها فلم يستمع
له.
دبرت خطتها الماكرة بقتل المعز ليلا فى الحمام، فأسرع مماليك المعز إلى
تولية ابنه (علىّ) سلطانا، وحملوا شجرة الدر إلى أمه فأمرت جواريها فضربنها بالقباقيب
حتى ماتت، وأسدل الستار عليها وعلى زوجها المعز !!
الفصل الثالث عشر
قطز يتولى الملك ويستعد لغزو التتار
أخذ (بيبرس) يحرض بعض ملوك المسلمين على غزو مصر للانتقام من قتل سيده
أقطاى على يد المعز وقطز، ولكنه هزم ورجع خاسراً، حتى عاد خطر التتار على البلاد الإسلامية
بقيادة (هولاكو) فخربوا بغداد وهتكوا الأعراض وأغرقوا كتب التراث وجعلوها جسراً مرت
عليه خيولهم، وبلغ عدد القتلى من المسلمين حوالى مليونين!!..
أخذ قطز يطمئن الناس حتى لا ينتشر بينهم الذعر من فظائع التتار، وخاصة
أن بعض ضعاف النفوس من الملوك ساعدوا التتار على إخوانهم المسلمين، مثل الأمير بدر
لؤلؤ صاحب الموصل والملك الناصر صاحب دمشق..
وجاء دور قطز ليحمى حمى الإسلام بالانتقام من التتار، وعقابهم على جرائمهم
الوحشية فى أسرته وتمثلت له ذكريات خاله (جلال الدين ) وجده (خوارزم شاه) ، وتذكر رؤياه
للنبى فى المنام. فأخذ يستثير شيخه (ابن عبد السلام) فأشار عليه بخلع السلطان الصغير
الفاسد ليستقل هو بالسلطة، ويتمكن من حماية الإسلام من خطر التتار نفذ قطز ذلك ثم ناقش
الأمراء واقتنعوا به سلطانا يتولى عرش مصر.
كتب بيبرس إلى قطز يسأله الصفح ويطلب منه أن يقبله فى خدمته ليشد من أزره
فى قتال التتار ويفرح قطز بعودة صديقه القديم، ويستقبله فى مصر ويبالغ فى إكرامه ليستل
من صدره حقده القديم على قتل سيده (أقطاى)، وينتفع بقوته وذكائه فى جهاد أعداء الإسلام.
وأظهر بيبرس إخلاصه أول الأمر، ولكن زملاءه المماليك أو غروا صدره، وذكروه
بثأر رئيسهم (أقطاى) ، فصادف ذلك هوى فى نفسه، ولكنه أوصاهم بالكتمان إلى حين..
بدأ قطز يستعد لحرب التتار بتقوية الجيش وإعداد الأسلحة وتدبير المال،
فوجد المال لا يكفى، فأفتاه الشيخ ابن عبد السلام فتواه الجريئة، بوجوب أخذ الأموال
من الأمراء وأملاكهم حتى يتساووا مع العامة فى ملابسهم ونفقاتهم، بعد ذلك يجوز الأخذ
من أموال العامة.
ويجد قطز صعوبة فى تنفيذ هذه الفتوى على الأمراء لا متناعهم عن تنفيذها،
ولتحريض بيبرس لهم، فيناقش بيبرس ويحاول إقناعه بكل الوسائل حتى يعاهده بشرفه ودينه
على أن يقاتل معه أعداء الإسلام حتى ينتصر عليهم أو يقتل دونه. وعلى أنه لا يعين الأمراء
عليه ولا يعينه عليهم.
ثم أخذ قطز يناقش الأمراء بالحجة واللين ليتنازلوا على ما يزيد عن حاجتهم،
فيراوغونه ، فيعطيهم المثل من نفسه ويبدأ بتنازله عن أمواله، ولكنهم لا يستجيبون ،
فيمهلهم ساعة ليصلوا إلى قرار وفى أثناء ذلك صادر أموالهم للمصلحة العامة، ودخل عليهم
قائلا : انصرفوا إلى بيوتكم فقد نفذ أمر الله فيكم، وسجن رؤساءهم وترك الباقين.. ولما
لم يجد أموالهم تكفى لتقوية الجيش فرض ضرائب على العامة، ثم أنشأ ديوانا للتعبئة والإعداد
للجهاد فى سبيل الله.
جاء رسل التتار إلى (قطز) مهددين متوعدين فاستشار الأمراء فى أمرهم فبعضهم
رأى مهادنتهم وقبول دفع الجزية لهم، وهنا يغضب قطز غضباً شديدا، ويأمر بإحضار الرسل
والطواف بهم فى المدينة ثم قتلهم واحداً واحداً، وتعليق رءوسهم على (باب زويلة) ، واستبقى
واحداً منهم ليشاهد استعراضاً ضخماً لفرق الجيش المصرى ومعداته القوية حتى يخبر التتار
بكل هذه القوة فيلقى الرعب فى قلوبهم.
رأى قطز بعد أن أقام جبهة داخلية قوية لصد التتار، أن يقيم جبهة خارجية
كذلك، فأرسل إلى ملوك الشام ليستعدوا لقتال الأعداء، وهددهم ، بأن من يعاون الأعداء
سيورث بلاده لمن هو أحق بها ممن قاتل التتار، ومن لم يستطع منهم الوقوف فى وجههم، واضطر
إلى النجاة بنفسه فعليه أن يأتى إلى مصر حيث يجد الحفاوة والتكريم.
الفصل الرابع عشر
معركة عين جالوت
قام السلطان قطز بمهام كبيرة استعداداً للمعركة الفاصلة بينه وبين التتار
منها:
1- توطيد أركان عرشه الجديد ضِدّ عواصف الفتن والمؤامرات.
2- القضاء على عناصر الفوضى والضرب على أيدى المفسدين.
3- معالجة الأمراء من المماليك مستعملاً مع بعضهم اللين، ومع بعضهم الشدة.
4- تقوية الجيش وجميع المؤن والذخائر.
5- تثبيت قلوب الناس وتحميسهم للاستماته فى القتال.
وقد نجح فى كل ذلك بفضل الله وبفضل صدق إيمانه، ومضاء عزيمته، وصرامته،
وقوة بنيته ومتانة أعصابه، ثم بتشجيع زوجه (جلنار) التى وقفت معه فى كل الأمور تشد
من أزره، وتخفف من أعبائه.
تحرك الجيش لحرب التتار فى رمضان بعد أن نجح السلطان فى إثارة طبقات الأمة
كلها فاندمجوا فى الجهاد فى سبيل الله حتى إن الفساق كفوا عن المعاصى، وامتلأت المساجد
بالمصلين، وخرج الناس جميعاً يبتغون إحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة.
توجه السلطان بالجيش إلى الصالحية، وأشرف بنفسه على ترتيب صفوفه وفرقه
وتنظيم جيشه، وتشاور مع قواده فى الخطط الحربية، وعمل على أن يستفيد من صديقه القديم
(بيبرس) ليكون فى طليعة الجيش ليتعرف على أخبار التتار.
وصل بيبرس إلى غزة، ووافاه السلطان، ثم (جلنار)، وتوجه السلطان إلى الفرنج
الصليبيين فى عكا، وطلب منهم أن يلتزموا الحياد فى هذه المعركة، لأنه كان يخشى تعاونهم
مع التتار، فاستجابوا له، وعرضوا عليه أن يرسلوا معه نجدة من عسكرهم فشكرهم، وقرر أنه
سيعتمد على الله وعلى جيوشه. ثم خرج الجيش من عكا إلى (عين جالوت) وطوال المسيرة كان
يردد أناشيد الكفاح لإثارة الحماسة فى الجند قبل بدء المعركة.
تمت المواجهة بين الجيشين، وغاب (هولاكو) بسبب موت أخيه، وأناب عنه قائده
(كتبغا). واشتعلت المعركة، وأظهر فيها كل القواد والجنود شجاعة واستبسالا، وقد حاول
الصبى التترى أن يخدع السلطان بشق صفوف التتار وقتل بعض رجالهم ثم العودة إلى صفوف
المسلمين، ولكن السلطانة ( جلنار) شَكَّت فى أمر هذا الصبى فكيف يرجع سليما دون أن
يصاب وهو من الأعداء وقد صدق شكها، فقد كان الصبى عند هجومه يهمس إلى التتار ويعلمهم
موقع السلطان، وقد حدث أن هجم خمسة فرسان من التتار على مقر السلطان أثناء ارتداد الصبى
التترى، ولكن السلطان قتل ثلاثة منهم، وكاد واحد منهم يقتل السلطان لولا ضربة قاتلة
من فارس ملثم أنقذ السلطان، وضحى بنفسه وكان هذا الفارس هو (جلنار)!! حملها السلطان
وهى تلفظ أنفاسها الأخيرة وهو يقول (واحبيبتاه) !! ولكنها قالت له : بل قل :واإسلاماه..
شاع خبر استشهاد جلنار فى الجيش فأثار فيهم الحماسة، وخلع السلطان خوذته
واستمات فى القتال وكان يصرخ (واإسلاماه..) حتى شق صفوف التتار ووصل إلى قائدهم (كتبغا)
.. بعد أن أظهر بيبرس بطولات رائعة فى تطويق جيش التتار وتقدم أحد الأمراء (جمال الدين
آقوش) وطعن قائدهم طعنة قضت عليه مما ألقى الرعب فى صفوف التتار، وأخذوا يتقهقرون،
وتقدم المسلمون يمطرونهم بوابل من السهام حتى سحقوهم سحقاً.
وانتهت المعركة بالنصر المبين على التتار، وحصلوا على غنائم كثيرة وخرَّ
الملك المظفر شاكراً الله، مقدرا شجاعة الأبطال من المسلمين محذراً من الزهو والغرور،
مترحما على الشهداء وعلى جلنار.
الفصل الخامس عشر
قطز يحاكم الخونة، ويطارد التتار، ويتوجه إلى دمشق
حاكم السلطان قطز الخونة من المسلمين الذين انضموا إلى التتار فقتل مَنْ
لا عذر له مِن اضطرار، أو إكراه، أو جهل، وإلاَّ بَيَّنَ له سوء عمله، واستتابه وضمه
إلى جيشه، وعفا عنه لما قد يكون فيه من خير.
ثم تحرك إلى دمشق بعد أن أرسل إلى أهلها رسالة يبشرها بالفتح، وأنه سيولى
عليهم واحداً منهم ينشر فيهم العدل، ورسالة أخرى لسيده القديم (ابن الزعيم) الذى كان
يراسله أثناء قتال التتار..
وأمر بيبرس بمطاردة فلول التتار حتى يقضى عليهم إلى الأبد، وقد كان..
عندما علم (هولاكو) بهزيمة جيوشه الساحقة اشتد غضبه وقتل كل ملك كان قد
لجأ إليه من ملوك الشام إلا ملكا نجا بشفاعة امرأته !! ثم رحل من بلاد الشام إلى غير
رجعة وعليه لعنة الله والناس أجمعين.
الفصل السادس عشر
نهاية قاهر التتار
رجع السلطان إلى نفسه بعد أن حقق النصر العظيم على التتار فانفجر ما كان
حبيساً من الحزن على زوجته الشهيدة، وجعلت الذكريات الأليمة تراوده منذ اختطف، وبيع
فى سوق الرقيق حتى أصبح سلطاناً، فضاق بالحياة ذرعاً، بعد أن فقد من كانت تشاطره أعباءه،
وبعد أن خارت عزيمته وأحس بعدم قدرته على كبح جماح الأمراء المماليك وتكالبهم على السلطة،
وخوفه من أن يعودوا إلى نهب أموال الأمة وخيراتها، حتى تحل بهم كارثة أفظع من كارثة
التتار!!..
ففكر فى أن يتنازل عن العرش لصديقه بيبرس الذى يعتقد أنه الأقدر على تحمل
هذه الأعباء الضخمة على ما فيه من الخديعة والمكر.. ولكنه لم يصرح له بهذا التفكير
خوفاً من الفتنة بين الأمراء المماليك وخاصة أنه يعرف أن بيبرس لن يقدر على كتمان هذا
الخبر..
وكان بيبرس يطمع فى ولاية حلب التى وعده بها السلطان، ولكنه لما عزم على
النزول له عن الحكم لم يعد هناك موضوع للوفاء بهذا الوعد، فأعطى حلب لأحد ملوك الشام،
مما أغضب بيبرس، وظن الظنون بالسلطان، واعتقد أنه يحسده لما قام به من بطولات فى صد
التتار فخشى أن ينافسه فى الحكم، وخاصة أنه كان ينوى هذه المنافسة حقا حين طلب (حلب)
فى أقصى الشام ليكون بعيداً عن سيطرة السلطان ويمكن أن يستقل بها ويتخذها نواة للاستيلاء
على باقى الشام.
كما أنه لم ينس ما كان منه فى مصر من تحريض الأمراء على السلطان حين دعاهم
للنزول عن أملاكهم لمواجهة أعباء الجهاد، وعلى الرغم من أن السلطان غفر له، لكنه ظن
أنه فعل ذلك لاحتياجه إليه فى قتال التتار، حتى إذا استغنى عنه وتمكن منه عاقبه على
ما سلف من ذنبه حتى لا يعود إلى مثله..
وزاد الظنون اشتعالا فى نفس بيبرس أصحابه الذين أثاروا أحقاده القديمة
ضد السلطان وتحدث مناقشة حامية بين قطز وبيبرس يحتد فيها بيبرس على قطز عندما يكاشفه
مما فى طبعه من مطامع ويصرح له أنه لا يستغنى عن مشورته، ويشك بيبرس فى ذلك، وتحدث
فتنة يندم بعدها بيبرس حينما ولاه السلطان الأمر قائلا : إنه سلطانكم فاسمعوا له وأطيعوا،
وشكراً لكم فقد قربتمونى من زوجتى، قاتل أعداء الإسلام يا بيبرس هذه وصيتى لك، ويغفر
الله لك خطيئتك".
جلس بيبرس على عرش مصر، ولقب بالملك الظاهر، وجهد فى تنفيذ وصية قطز،
فألغى الضرائب ونهض بمصر فكانت فى عهده إمبراطورية عظمى.
وذات يوم كان يقلب فى رسائل ابن الزعيم إلى السلطان قطز فعرف حقيقته،
وحقيقة (جلنار) فبكى، ودعا لصديقه قائلاً : "لشد ما أتعبنى أقتفاء أثرك، وما أرانى
بعد الجهد الطويل أبلغ بعض ما بلغت!!".